بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى: 38
تاريخ الفتوى: الثلاثاء 20جمادى الآخرة 1442هــ الموافق 02 شباط / فبراير 2021م
السؤال: ينتشر في المناطق المحررة بيع دولارات مجمدة بثمن أقل من ثمنها في البنك، أي 100 دولار بـ 80 دولار وأحيانا أقل، مع أنها نقود غير مزورة، لكن يقولون إنها غير معترف عليها. فما حكم شرائها؟ وما حكم التعامل في السوق بها وصرفها في السوق؟
الجواب: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.
فبعد الرجوع لأهل الاختصاص من الاقتصاديين تبيَّن أن ما يسمى بالدولارات (المجمدة) لا تعد أموالاً على الحقيقة، فلا يجوز التعامل بها صرفاً، ولا بيعاً، ولا شراءً، وبيان ذلك فيما يلي:
أولاً: يُطلق المتعاملون اسم الأموال (المجمدة) على أموال مجهولة المصدر جُمدت أرقامها التسلسلية من قبل الجهات المصدرة لها، مما يجعلها غير قابلة للتداول الرسمـي في البنوك أو المؤسسات المالية، مع أن أصلها أموال حقيقية لكن أُلغي التعامل بها، لكونها مسروقة، أو مصادرة بسبب تعاملات غير مشروعة من تجارة مخدرات أو غسيل أموال ونحوها، أو مما حصلت عليها بعض الجهات بطريقة غير صحيحة؛ كالتحايل، أو السطو المسلح على البنوك، أو أخذ الفدية مقابل الرهائن، أو التجارة بالممنوعات، ونحو ذلك، ويذكرون أنه لا يمكن لأجهزة الكشف عن الأموال المزورة ولا الخبراء الماليين اكتشافها بمجرد الفحص اليدوي، وهذا ما يجعلها تختلف عن الأموال المزورة التي تكون مُقلَّدة لأصلها ويسهل كشفها، لذا.. فإن تداولها يكون في الخفاء، وعبر العصابات والجهات المشبوهة، ومن خلال النقد (الكاش) حصراً.
ثانياً: بالرجوع إلى أهل الخبرة من الاقتصاديين تبيَّن أن هناك أموالاً عطَّلت المؤسسات المالية أرقامها التسلسلية بسبب السرقة أو غسيل الأموال ونحو ذلك، إلا أن غالب ما يُتداول تحت اسم الأموال (المجمدة)؛ إما أن تكون أموالاً مزورة غير حقيقية، ويُطلق عليها هذا الاسم تضليلاً وخداعاً، أو أنَّ الجهات المتعاملة بها تستخدم هذه التسمية للتضليل والاستدراج ثم تقوم بسلب الأموال بالخداع أو التهديد.
فما يُسمـى بـ(الأموال المجمدة) هو وسيلة للتحايل على الناس وخداعهم، وهي في غالبها أموال مزورة غير حقيقية، وقد تُخلط ببعض الأموال السليمة أو المعطل رقمها التسلسلي لتكون طُعماً في عمليات ترويجها، علمًا أن تسمية (مجمد) غير صحيحة علمياً، فتجميد الأموال في الاصطلاح الاقتصادي له إطلاق آخر.
ثالثاً: التعامل بما يُسمى بـ(الأموال المجمدة) إن ثبت وجودها محرم لا يجوز شرعًا، وذلك لأمور:
1- هذه الأوراق ليس لها قيمة مالية حقيقية، فهي إما معطلة فاقدة للرصيد النقدي، أو أنها مزورة.
2- تستخدم هذه الأموال والتعاملات في خداع الناس والتغرير بهم، وأكل أموالهم بالباطل، قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة:188].
3- التعامل بهذه الأموال هو من الكذب والغش، وشبيه بالتعامل بالعملة المزورة، قال صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» رواه مسلم.
4- في نشر هذه الأموال بين الناس تغرير وخداع، ومشاركة في أكل أموالهم بالباطل، وغالباً ما تستخدم هذه الأموال من قبل عصابات التجارة بالممنوعات في غسيل أموالها، وتعتمد عليها العصابات الإجرامية في تمويل أعمالها وجرائمها، فلا تجوز الإعانة عليها أو المشاركة فيها، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة:2]،
5- الآثار الاقتصادية المترتبة على انتشار هذه الأموال في المجتمع وخيمة وخسائرها فادحة؛ لما تتسبب به من سحب العملة الحقيقية من أيدي الناس وإبدالها بعملة غير صالحة.
رابعاً: من وقعت في يده هذه (الأموال المجمدة) أو غيرها من الأموال المزورة: فلا يجوز له التعامل بها ولا نشرها بين الناس مع معرفته بحقيقتها، وينبغي عليه إبلاغ الجهات المسؤولة عن ذلك لكشف مصدرها، أو أن يقوم بإتلافها، ويتحمل مسؤولية تعويض من تعامل معه بأموال حقيقية، كما يتحمل مسؤوليتها أمام القضاء، أما ما أصابه من خسارة بسبب شرائه هذه الأموال أو حصوله عليها من جهات أخرى، فهي مصيبة نزلت به كتلف ماله بالحرق ونحوها، تستدعي الصبر واحتساب الأجر عند الله عز وجل، مع بقاء حقه بمطالبة من أعطاه إياها.
وأخيراً.. فإننا ننصح إخواننا بتوخي الطرق المشروعة في التعاملات المالية، وعدم الإنصات لأوهام الربح السريع التي تروِّجها العصابات المشبوهة على حسابهم، كما ندعو الجهات المختصة إلى ملاحقة هذه الأموال ومعاقبة من يتعامل بها وطرحها في الأسواق أسوة بمن يتعامل بالعملات المزورة، وتحميله كامل المسؤولية عن الخسائر والآثار المترتبة على التعامل بهذه الأموال، وندعو العاملين في صرافة الأموال وتحويلها إلى عدم التعامل مع هذا النوع من الأموال، وتوعية الناس بخطورة ذلك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف المروجين لها واتخاذ ما يلزم بحقهم، والحمد لله رب العالمين.
وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء | ||
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد 2- الشيخ أحمد حوى 3- الشيخ أحمد زاهر سالم 4- الشيخ أسامة الرفاعي 5- الشيخ أيمن هاروش 6- الشيخ عبد العزيز الخطيب 7- الشيخ عبد العليم عبد الله 8- الشيخ عبد المجيد البيانوني 9- الشيخ علي نايف شحود 10- الشيخ عماد الدين خيتـي 11- الشيخ فايز الصلاح | 12- الشيخ مجد مكي 13- الشيخ محمد الزحيلي 14- الشيخ محمد جميل مصطفى 15- الشيخ محمد زكريا المسعود 16- الشيخ محمد فايز عوض 17- الشيخ محمد معاذ الخن 18- الشيخ مروان القادري 19- الشيخ ممدوح جنيد 20- الشيخ موسى الإبراهيم 21- الشيخ موفق العمر 22- الشيخ ياسر الجابر |