فتوى حكم التعامل مع الأموال المصادرة من النظام

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى: 57
تاريخ الفتوى: الأربعاء 21 جمادى الآخرة 1445هـ 03 كانون الثاني / يناير 2024م

السؤال: أصدر النظام في سوريا مؤخراً عدة قوانين لحجز ومصادرة الأموال، وتخويل النظام التصرف بها، واستثمارها، وبيعها، كالقانون رقم (26) لعام 1445هـ / 2023م؛ والذي ينظم إدارة واستثمار الأموال المصادرة (بحكم قضائي)، فما حكم التعامل بهذه الأموال المصادرة؟ وما حكم شرائها؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمـد رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن هذه الأموال المصادرة هي أموال مغصوبة مسروقة، لا يجوز التعامل بها ولا شراؤها، ومن فعل ذلك فهو شريك النظام في إجرامه، إلا من أراد أن يستنقذها أو يحافظ عليها، وبيان ذلك فيما يلي:

أولاً: هذا القانون وغيره من القوانين الصادرة عن هذا النظام المجرم باطل شرعاً وقانوناً؛ لفقدانه مشروعيته، وهو سرقة لأموال الناس، وغصبٌ لأملاكهم دون وجه حق، ومحاولات منه لشرعنة تصرفاته الإجرامية، والتي يهدف من خلالها إلى مصادرة أملاك وأموال معارضيه، وتمكين أعوانه والميليشيات الطائفية المجلوبة من الخارج من مقدرات البلاد بطريقة تظهر أنها قانونية وسليمة.

ثانيًا: الأموال المغصوبة تبقى في ملك صاحبها، ولا تخرج عنه مهما طال الزمن أو تنقلت بين مُلاك جدد، ولا يملكه من وضع عليه يده بالشراء أو التمليك أو غير ذلك من الطرق؛ فإن المال لا يخرج من ملك صاحبه إلا برغبة منه وطيب من نفسه.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [سورة النساء: 29]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [سورة البقرة: 188]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضَكم أن يكون أَلْحَنَ بحُجَّته من بعضٍ؛ فأقضي له على نحوٍ مما أسمع، فمَن قضيتُ له من حقِّ أخيه شيئاً؛ فلا يَأْخُذْهُ، فإنما أقطع له قطعةً من النار» [رواه البخاري برقم: 2680 ومسلم برقم: 1713، واللفظ لمسلم]،  وقال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» [رواه أحمد برقم: 20695]، وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» [رواه مسلم برقم: 147]، وقال صلى الله عليه وسلم : «مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيراً يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» [رواه مسلم برقم: 218].
وقد دلت هذه الآيات والأحاديث على حرمة أخذ أموال الناس دون إذن أو رضى منهم، وبالتالي فتصرفه فيه غير مشروع، جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية» : (ذهب الفقهاء إلى أن من حق المغصوب منه أن يرد إليه الغاصب عين ماله الذي غصبه إذا كان باقيا بحاله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ» [رواه أحمد برقم: 3561]، وقوله صلى الله عليه وسلم : «لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا، وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا» [رواه أبو داود برقم: 5003]؛ ولأن رد عين المغصوب هو الموجب الأصلي للغصب؛ ولأن حق المغصوب منه معلق بعين ماله وماليته، ولا يتحقق ذلك إلا برده).

ثالثاً: لا يجوز شراء هذه الممتلكات المغصوبة والمسروقة، ولا يصح تملكها، ولا المشاركة في ذلك؛ وجميع ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وهو من التشجيع لهم وإقرارهم على هذه الجرائم، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة: 2].
ومن شروط صحة البيع أو الهبة أو التمليك أن يكون المال مملوكاً للبائع أو الواهب أو المملِّك ملكاً تامّاً أو مأذوناً له فيها، لحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه مرفوعاً: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» [رواه أبو داود برقم: 3503].
وهذا النظام المجرم ليس له هذه الأهلية، وقوانينه ومحاكماته للثوار باطلة لا أثر لها شرعاً، ومهما أصدر من قوانين؛ فهذه الأموال والممتلكات لا زالت في مِلك أصحابها الأصليين لا يسقط حقهم فيها.
فمن اشترى من هذه السلع المسروقة؛ فيجب أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك توبةً نصوحاً، ولا يعود إلى مثل ذلك، ومن التوبة أن يردَّ هذه المسروقات والمغصوبات إلى أصحابها إن علمهم، فإن لم يعلمهم؛ فليتصدق بثمنها على الفقراء والمحتاجين.

رابعًا: يستثنى مما سبق:
1- مَن وجد ما يملكه مِن بضاعة ومتاعٍ سُرق منه بعينه، ولم يجد طريقةً لاسترجاعه إلا بشرائه فيجوز له ذلك.
2- مَن أراد شراء هذه البضاعة لإرجاعها لأصحابها، أو حمايتها من المصادرة والضياع، فيجوز له ذلك، ويكون مأجوراً على حفظ مال أخيه المسلم، لكن ينبغي أن يحفظ ذلك بكتابته والإشهاد عليه حتى لا يضيع مع الزمن.
وقد صدرت بذلك فتوى مقاربة برقم (13) يمكن مراجعتها للوقوف على التفاصيل([1]).

وختاماً: فإنا نحث العاملين في الشؤون القانونية والسياسية إلى فضح هذه القوانين الظالمة، وبيان بطلانها، والعمل على مواجهتها وإسقاطها، كما نحث إخواننا المواطنين على بذل ما يستطيعون لحماية أملاكهم وأموالهم بحفظ وثائقها، وبيانتاها، وتدوين ذلك لقادم الأيام، والله غالب على أمره، والحمد لله رب العالمين.

وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء:

1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد
2- الشيخ أحمد حوى
3- الشيخ أحمد زاهر سالم
4- الشيخ عبد العليم عبد الله
5- الشيخ عبد العزيز الخطيب
6- الشيخ عبد المجيد البيانوني
7 – الشيخ عماد الدين خيتـي
8- الشيخ علي نايف الشحود

9 الشيخ فايز الصلاح
10-  الشيخ مجد مكي
11- الشيخ محمد جميل مصطفى
12- الشيخ محمد الزحيلي
13- الشيخ محمد زكريا المسعود
14- الشيخ محمد معاذ الخن
15- الشيخ معاذ ريحان

 

[1]– تم نشرها في موقع مؤسسة الإفتاء على الرابط التالي: https://fatwa-sy.com/posts/2917

بيان إثبات دخول عيد الفطر لعام 1445 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبِّينا مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ الأطهارِ وصحبِه الأخيارِ ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وبعدُ: فقدْ قال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “صُومُوا لرؤيتِه وأَفطِروا لرؤيتِه، فإنْ غُمَّ عليكُم فأكمِلوا العدَّةَ ثلاثينَ” وفي رواية ابن حبّان “فصوموا ثلاثين”، وبتوفيقٍ من اللهِ تعالى

بيان بشأن دخول شهر رمضان لهذا العام 1445 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ القائلِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}[البقرة:183] والصلاةُ والسلامُ على نبِّينا مُحمَّدٍ القائلِ “صُومُوا لرؤيتِه وأَفطِروا لرؤيتِه، فإنْ غُبِّيَ عليكُم فأكمِلوا عدَّةَ شعبانَ ثلاثينَ” وعلى آلِهِ الأطهارِ وصحبِه الأخيارِ ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وبعدُ:

فتوى صدقة الفطر وفدية الصيام لعام 1445هـ

بسم الله الرحمن الرحيم رقم الفتوى: 58 تاريخ الفتوى: السبت 28 شعبان 1445هـ الموافق 09 آذار مارس 2024م الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمـدرسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أولاً: صدقة الفطر: – الأصل في وجوبها: ما ثبت في «الصحيحين»  عن عبد الله بن عمر رضي