بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى: 35
تاريخ الفتوى: الإثنين 15 ذو العقدة 1441هــ الموافق 06 تموز / يوليو 2020م
السؤال: بعد أن خرجت صور الشهداء التي سرَّبها (قيصر) للعلن؛ فهل يمكن اعتبار هذه الصور دليلاً على الوفاة؟ بحيث يترتّب عليها صلاة الغائب على الميت والترحم عليه، وانتهاء عقد الزواج، وتقسيم أمواله بين الورثة؟
الجواب: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ.
وبعدُ؛ فما كشفته هذه الصور المسرَّبة إنما هو جزء يسيرٌ من حقيقة إجرام هذا النظام، وما يقع على الشعب المجاهد الصابر من ظلم وبطش، عجّل الله بالخلاص من هؤلاء المجرمين.
أما بالنسبة للمعتقلين والمخطوفين: فقد سبق أن صدرت فتوى رقم (6) بعنوان: (أحكام زوجة الغائب والمفقود) وقد بيَّنا فيها أنَّ الأصل في المفقود أو المسجون الذي انقطعت أخباره أنه حـي، وأن هذا الأصل المستصحب لا يتغيَّر إلا بما يثبت وفاته، من دليلٍ مُعتبرٍ كشهادة الشهود الثّقات على رؤيته ميتاً، أو استلام الجثة، أو صدور الأوراق الرسمية بذلك، ونحوها.
وأما الصور الفوتوغرافية، ومقاطع الفيديو: فقد اتفقت كلمة أهل العلم على أنها لا تُعدُّ دليلاً أو بيَّنة قطعية تُبنى عليها الأحكام من وفاة أو غيرها، لكنها قرينة تُضاف لبقية الدلائل والقرائن، ويؤخذ بها للاستئناس والتقوية؛ وذلك لما يمكن أن يدخلها من عدم وضوح أو دقة، فضلاً عن التزوير والتغيير.
ومع أنه من المقطوع به صحة هذه الصور إجمالاً؛ لما احتف بها عدد من القرائن، كشهادة الشخص الذي قام بتصويرها، ووقوفه على وفاة هؤلاء المعتقلين، مع خبرته وأهليَّته لهذا العمل، وشهادة عدة جهات عالمية مختصة على صحتها، وتيقُّن وفاة بعضهم من طريق آخر، وتواتر الأخبار والمشاهدات عما يلاقيه المعتقلون في سجون هؤلاء المجرمين، وانقطاع أخبار عشرات الآلاف منهم منذ سنوات طويلة، إلا أن دلالة هذه الصور على وفاة شخص بعينه قد يدخلها الخطأ من عدة وجوه:
1- عدم وضوح الصور في العديد منها، سواء من ناحية الإضاءة أو زاوية التصوير أو التشويه والتغيّر الذي لحق بها، ونحو ذلك.
2- إمكانية الخطأ في نسبة الصورة لشخص معين بسبب التشابه الكبير في ظروف التصوير، وأحوال الجثث.
3- تغير ملامح أكثر الشهداء بسبب ما لاقوه من تعذيب، مما يجعل التعرف عليهم صعباً أو محتملاً للخطأ.
لأجل هذ: فلا يمكن القطع بوفاة المعتقلين من خلال هذه الصور بمجردها، كما لا يمكن إصدار فتوى عامة بوفاة جميع من نُقلت صورهم، وإنما يمكن للقضاء أن يأخذ بها كقرينة لإثبات الوفاة إلى جانب القرائن والأدلة الأخرى إن تبيَّن له ذلك، وعليه: فلا يجوز للمرأة المتزوجة أن تعتبر هذه الصور دلالة (قاطعة) على وفاة زوجها، ولا يجوز لها أن تتزوج بآخر لمجرد ذلك، كما أنه لا يُعتمد على هذه الصور في توزيع الميراث ونحوه مما يتعلق بأحكام الميت، إلا بعد صدور حكم قضائي بذلك.
ومن كان لديه ترجيح لرجوع هذه الصور لأحد أقاربه، فيمكنه مراجعة إحدى المحاكم الشرعية التي يوثق بها وبقضاتها لاستصدار قرار وفاة بذلك، سواء كان في الشمال السوري المحرر، أو في الدول الإسلامية، وما يقوم مقامها في إبرام عقود الزواج والطلاق ونحوها من المراكز الإسلامية في الدول غير الإسلامية، كما يمكن للمرأة المتضررة من بقاء عقد الزواج من زوجها المفقود أن تراجع هذه المحاكم لطلب التفريق، كما نصت عليه الفتوى المشار لها.
أما إقامة صلاة الغائب على الميت، والترحم على المفقود: فلا يُشترط له ما سبق من صدور الحكم القضائي، ويكفي الظن الحاصل برؤية الصور.
نسأل الله تعالى أن يرحم الشهداء، ويفكَّ الأسرى، وأن يلطف بأهاليهم ويعوضهم خيراً، والحمد لله رب العالمين.
وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء | ||
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد 2- الشيخ أحمد حوى 3- الشيخ أحمد زاهر سالم 4- الشيخ أسامة الرفاعي 5- الشيخ أيمن هاروش 6- الشيخ عبد الرحمن بكور 7- الشيخ عبد العزيز الخطيب 8- الشيخ عبد العليم عبد الله 9- الشيخ عبد المجيد البيانوني 10- الشيخ علي نايف شحود 11- الشيخ عماد الدين خيتي | 12- الشيخ مجد مكي 13- الشيخ محمد الزحيلي 14- الشيخ محمد جميل مصطفى 15- الشيخ محمد زكريا المسعود 16- الشيخ محمد معاذ الخن 17- الشيخ مروان القادري 18- الشيخ ممدوح جنيد 19- الشيخ موسى الإبراهيم 20- الشيخ موفق العمر 21- الشيخ ياسر الجابر |