بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى: 45
تاريخ الفتوى: الجمعة 13 جمادى الأولى 1443هــ الموافق 17 ديسمبر/ كانون الأول2021م
السؤال: هناك منظمة تعطي الفلاحين على كل هكتار مخصص للزراعة ٢٥٠ كغ قمح مع عدة أكياس سماد وثمن محروقات وحصادة، وتشترط على المستفيدين أن يعيدوا عند الحصاد ٥٠٠ كغ قمح تأخذه المنظمة للأفران؛ ليستفيد الناس منه في الخبز؛ علماً أن كثيراً من المزارعين ستكون لهم فرصة للعمل وهم بحاجة لها؛ فما حكم هذه المعاملة؟
الجواب: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ. أما بعدُ: فإن إقراض المزارعين مع اشتراط أخذ أكثر مما دفع لهم محرم لا يجوز، وهو من الربا، وينبغي تصحيح المعاملة، كما سيأتي بيانه:
أولاً: القرض من أفضل القربات وأجلها؛ لما فيه من إعانة للمسلمين والتخفيف عنهم، وتفريج كربتهم، وخاصة إذا كان ذلك في أوقات الشدة والحاجة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفَّسَ عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا؛ نفَّس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسِرٍ؛ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سترَ مسلماً؛ ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» [رواه مسلم في «صحيحه»]، فجزى الله كل من يسَّر على الناس وخفف عن المحتاجين خيراً وبارك بجهودهم.
ثانياً: مما يُشترط لصحة القرض؛ أن يكون الوفاء مساوياً لقيمة القرض دون زيادة، وقد اتفق أهل العلم على تحريم اشتراط الزيادة في وفاء القرض، وأن هذه الزيادة ربا، سواء كانت الزيادة في الصفة أو المقدار، ونقل الإجماع على هذا كثير من العلماء؛ قال ابن عبد البر في «التمهيد» : (أجمع المسلمون نقلاً عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا)، ونقل ابن قدامة في «المغني» قول ابن المنذر: (أجمعوا على أن الـمُـسلِفَ إذا اشترط على الـمُـستَلِفِ زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك؛ أن أخذ الزيادة على ذلك ربا).
كما أن القرض الذي يعود بمنفعة على المقرض محرم سواء أكان النفع للمقرض أم لغيره؛ قال الحطاب في «مواهب الجليل» : (السلف إذا جرّ منفعة لغير المقترض؛ فإنه لا يجوز، سواء جرّ نفعاً للمقرض أو غيره).
وعليه؛ فإن اشتراط هذه المنظمة إرجاع 500 كيلو من القمح، مقابل إقراض 250 كيلو من القمح، وبعض السماد والمحروقات لا يجوز، لأنه ليس مساويًا له في المقدار، ولا الثمن، وهو من الربا.
ثالثاً: حتى تكون المعاملة صحيحة سليمة فيمكن أن تُجرى بإحدى الطرق التالية:
الطريقة الأولى: أن يُرد البذار المقترض كما هو (250 كيلو)، وثمن السماد والوقود، ثم تكون المنظمة كسائر المشترين، تشتري ما تحتاجه من القمح، ويجوز أن يكون سداد ثمن السماد والوقود بما يقابله من القمح؛ بشرط ضبط ثمن هذه المواد المقدمة، ويكون حساب ما يقابله بثمن القمح يوم السداد.
الطريقة الثانية: أن يُرد البذار المقترض كما هو (250 كيلو)، ويكون للمنظمة حق شراء (250 كيلو) مؤجلاً مقابل ما تقدمه من سماد ووقود، بشرط ضبط سعر هذه المواد المقدمة وثمن القمح؛ بحيث لا يكون هناك زيادة على ما تقدمه المنظمة، ولا ظلم للمزارعين في استيفاء أكثر مما دفع لهم.
|الطريقة الثالثة: أن يُجعل الاتفاق على قسمين: قسم يكون بإقراض (250) كيلو بذاراً، تُردُّ بمثلها، وقسم آخر عبارة عن مبلغ مالي يُقدَّم للمزارعين بما يغطي أجور الحصادة، وثمن المحروقات والسماد، ويكون سَلَمًا مقابل (250) كيلو أخرى مؤجلة.
والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين
وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء | ||
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد 2- الشيخ أحمد حوى 3- الشيخ أحمد زاهر سالم 4- الشيخ أسامة الرفاعي 5- الشيخ أيمن هاروش 6- الشيخ تاج الدين تاجي 7- الشيخ عبد العليم عبد الله 8- الشيخ عبد العزيز الخطيب 9- الشيخ عبد المجيد البيانوني | 10- الشيخ علي نايف شحود 11- الشيخ عماد الدين خيتـي 12- الشيخ عمار العيسى 13- الشيخ فايز الصلاح 14- الشيخ محمد جميل مصطفى 15- الشيخ محمد الزحيلي 16- الشيخ محمد معاذ الخن 17- الشيخ موفق العمر |