فتوى حكم التعامل بالبضاعة الإيرانية في المناطق المحررة

بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى: 49
تاريخ الفتوى: الثلاثاء 03 صَفَر 1444هـ الموافق 30 آب / آغسطس 2022م

السؤال: تنتشر في الشمال السوري المحرر بضائع إيرانية من أغذية وسلع صناعية وغير ذلك، ويجري السؤال عن حكم استيرادها وبيعها، فنرجو منكم بيان الحكم الشرعي في تداول هذه السلع واستيرادها وبيعها.

الجواب: الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمَّدٍ رسول الله وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ. أما بعدُ:
فإنّ التعامل الاقتصادي مع العدو الباغي المحتل استيراداً وتصديراً، وتداولَ بضائعِه بيعاً وشراءً؛ يؤدي إلى تقوية العدو وإنعاش اقتصاده، والتدرج بالمجتمع إلى إضعاف روح العداوة له، الأمر الذي قد يوصل إلى قبول التطبيع معه والقبول به؛ لذا فالواجبُ مقاطعته اقتصادياً، ومنع التعامل بهذه البضائع والسلع، وتطهير المحرر من دخولها إليه، وفيما يلي بيان ذلك:

أولاً: النظام الإيراني نظام طائفي مجرم معادٍ لعموم الأمة، يسعى لاستئصالهم، واحتلال بلادهم، وقتل أبنائهم، وتغيير هويتهم وإعادة تركيبة مجتمعاتهم، وجرائمه في البلاد الإسلامية عموماً وفي سورية خصوصاً لا تخفى على أحد، وهو من أكبر داعمي النظام الطائفي في سورية، بل وشريك مباشر له في القتل والإجرام، فمجاهدته وإضعاف مشروعه؛ مِن أوجب الواجبات في هذا الوقت، وهذا جزءٌ لا يتجزأ من مجاهدة النظام.

ثانياً: يتخذ النظام الإيراني في عدوانه ومشروعه الطائفي عدداً مِن الأدوات والوسائل، ومن أهمها الحرب الاقتصادية؛ فهو يحاول الإمساك بزمام الاقتصاد، ويعمل على فتح المصانع والمؤسسات، وإعطاء التوكيلات وتأسيس الشراكات، وإغراق البلدان ببضائعه ومنتجاته، ولما كان الجهاد بالمال مِن أعظم أنواع الجهاد؛ فإنّ مجاهدته اقتصادياً من الواجبات المطلوبة، قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة التوبة، الآية: 41] .
ومن أعظم أنواع الجهاد بالمال وأمضاها أثراً، وأقواها نتيجةً؛ المقاطعةُ الاقتصادية، وهو أسلوب دلت السُّنّة على أصل مشروعيته، فقد ثبت في «الصحيحين»: أنّ ثمامة بن أُثال رضي الله عنه حينما أسلم، وذهب إلى مكة قال لأهلها: (لا والله، لا يأتيكم مِن اليمامة حبةُ حنطة، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم)، ولم يُنقل إنكارٌ لذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وبمقاطعة بضائع الدول المحاربة المعتدية صدرت فتاوى أهل العلم.

ثالثاً: يترتب على فتح أسواق المناطق المحررة أمام البضائع الإيرانية عددٌ من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية؛ أهمها:
1- تقوية الأعداء؛ فالاقتصاد عصب الدول وأساس قوتها، وبه تستعين في ترسيخ مكانتها ودعم جيشها، ودعمُ الأعداء يدخل في التعاون على الإثم والعدوان المحرم، قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [سورة المائدة، الآية: 2].
2- إنقاذ إيران واقتصادها مما يعانيه من ضعف وحصار، وتوفير أسواق لتصريف البضاعة، مما يسهم في دعم الاقتصاد والدولة.
3- تخفيف الشعور بالعداوة وصولاً إلى قبول التطبيع، واختراق المجتمع، وإنهاء العداوة .
4- تهديد الأمن الاقتصادي؛ بجعل المجتمعات المستورِدة معتمدةً على سلع الدول المعتدية، بحيث يمكن تهديد استقرارها بمنعها عنها، أو التحكم في أنواعها وكيفياتها، وهو أسلوب خطير من أساليب الدول المستعمرة.
5- استكمال مشروع الهيمنة على سورية؛ والتي تعمل إيران عليه بجد في مناطق النظام: سياسياً، وعسكرياً، وفكرياً، واقتصادياً.
6- ما قد تحويه هذه البضائع الصناعية أو الزراعية أو غيرها مِن مواد ضارة مضافة بقصد الإفساد والإضرار بالأنفس أو البيئة والطبيعة.
7- مزاحمة هذه البضائع لبضائع أهلنا في المحرر، وصناعاتهم، مما يؤدي إلى كساد الاقتصاد المحلي والإضرار به.

رابعاً: بناء على ما سبق، وعملًا بقاعدة (سد الذرائع) والقاعدة الفقهية (دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح)؛ فإننا نفتي بمنع التعامل مع البضائع الإيرانية وجلبها للأسواق المحلية، ولزوم توقف التجار عن جلبها  والتعامل بها، والتنبه لمخاطر هذا الأمر.
كما نوصي إخواننا التجار بتقديم رضا الله تعالى ومصلحة المجتمع على المصالح الشخصية، وتوفير البدائل لهذه البضائع بالأسعار المناسبة، لعل الله تعالى يبارك لهم في تجارتهم وأعمالهم، قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة، الآية: 28].
وعلى المسؤولين اتخاذ خطوات جادة في منع وصولها سواء عن طريق المعابر، أو طرق التهريب، وبذل الجهد في كشف التلاعب بتزوير مستندات منشئها، فهم المسؤولون عن وصول هذه البضائع للأسواق، ومحاسبون على هذه المسؤولية بين يدي رب العالمين، وقد ثبت في «الصحيحين» عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يسترعيه اللهُ رعيَّةً، يموتُ يومَ يموتُ، وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ؛ إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ».

كما ندعو إخواننا مِن عموم المواطنين إلى مقاطعة هذه البضائع، والاستعاضة عنها بالبضائع المحلية أو المستوردة من بلاد إسلامية، والتعاون من أجل التوعية بذلك، والله تعالى أعلم.

وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد
2- الشيخ أحمد حوى
3- الشيخ عبد العزيز الخطيب
4- الشيخ عبد العليم عبد الله
5- الشيخ عبد المجيد البيانوني
6- الشيخ علي نايف شحود
7- الشيخ عماد الدين خيتـي
8- الشيخ عمار العيسى
9-  الشيخ فايز الصلاح
10- الشيخ محمد الزحيلي
11- الشيخ محمد معاذ الخن
12- الشيخ مروان القادري
13- الشيخ معاذ ريحان
14- الشيخ ممدوح جنيد
15- الشيخ موسى الإبراهيم
 

فتوى صدقة الفطر وفدية الصيام لعام 1445هـ

بسم الله الرحمن الرحيم رقم الفتوى: 58 تاريخ الفتوى: السبت 28 شعبان 1445هـ الموافق 09 آذار مارس 2024م الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمـدرسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أولاً: صدقة الفطر: – الأصل في وجوبها: ما ثبت في «الصحيحين»  عن عبد الله بن عمر رضي

فتوى حكم التعامل مع الأموال المصادرة من النظام

بسم الله الرحمن الرحيم رقم الفتوى: 57تاريخ الفتوى: الأربعاء 21 جمادى الآخرة 1445هـ 03 كانون الثاني / يناير 2024م السؤال: أصدر النظام في سوريا مؤخراً عدة قوانين لحجز ومصادرة الأموال، وتخويل النظام التصرف بها، واستثمارها، وبيعها، كالقانون رقم (26) لعام 1445هـ / 2023م؛ والذي ينظم إدارة واستثمار الأموال المصادرة (بحكم

فتوى حكم التَّصرفِ في العقارات دونَ إذنِ المالك

بسم الله الرحمن الرحيم رقم الفتوى: 56تاريخ الفتوى: الثلاثاء 27 صفر 1445هـ 12 أيلول / سبتمبر 2023م السؤال: استأجرتُ بيتاً في الشمال السوري، وبعد مدّةٍ اكتشفتُ أنّ الذي أَجَرني البيت لا يملكه، وصار صاحب البيت يطالبني بأجرته للمدّة السابقة كلِّها، وصديقي استأجر بيتاً في دمشق وحصل معه الأمر نفسه، وآخر