بسم الله الرحمن الرحيم
رقم الفتوى: 28
تاريخ الفتوى: الخميس 26 جمادى الأولى 1441هــ الموافق 20 شباط / فبراير 2020م
السؤال: إذا أرسل الشخص 100 دولار مثلاً لأهله من بلد إلى بلد عن طريق مكتب حوالات، فتسلّمها أهله مِن هناك بالعملة المحلية.. فهل هذا جائز؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإن تحويل الأموال وأخذ الأجرة عليها جائز، وإذا اجتمع الصرف والحوالة اشترط إجراء عقد الصرف ابتداء قبل الحوالة، أو أن يكون التحويل والصرف عن طريق وكيل يقوم بذلك، وبيان ذلك كما يلي:
الصرف: هو بيع النقد بنقد آخر، سواء كان من جنسه (كبيع ليرات سورية بليرات سورية) أو من جنس آخر (كبيع دولارات بليرات سورية).
وإذا كان النقدان من جنسين مختلفين: فيشترط لصحة الصرف التقابض في المجلس، ولا يشترط التساوي في المقدار، (كبيع ليرات سورية بدولار أو يورو)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقال ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء»: (وأجمع كلُّ مَن أحفظ عنه مِن أهل العلم على أنّ المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا: أنّ الصرفَ فاسدٌ).
والحوالة المصرفية: هي إجراء التحويلات النقدية الداخلية والخارجية عبر المصارف والبنوك، وهي جائزة وأخذ الأجرة عليها جائز.
ولتحويل العملة من بلد إلى آخر صور:
الصورة الأولى: أن تكون الحوالة والتسلّم بالعملة نفسها: كأن يرسل الشخص دولارات ويتسلمها الطرف الآخر دولارات: فهذه الحوالة جائزة، وأخذ الأجرة عليها جائز، جاء في قرارات (مجمع الفقه الإسلامي بجدة) في دورته (التاسعة)، قرار رقم 84 (9/1): (الحوالاتُ التي تقدم مبالغها بعملة ما ويرغب طالبُها تحويلَها بنفس العملة: جائزةٌ شرعاً، سواء أكان بدون مقابل أم بمقابل في حدود الأجر الفعلي)، وهذه الصورة هي الأَولى والأحوط إذا أمكن ذلك .
الصورة الثانية: أن تكون الحوالةُ بعملةٍ وتسلّمُها بعملةٍ أخرى: فهنا قد اجتمع الصرفُ والحوالةُ، وحينها لابد من إجراء الصرف أولاً بما فيه من قبض للمال المصروف، ثم إجراء الحوالة، وقد بحث الفقهاء المعاصرون في القبض المشترط في الصرف، وما يتحقّق به، وقرر كثيرٌ منهم: أنّ القبض الحكمي يقوم مقام القبض الحقيقي، ومن صور القبض الحكمي التي ذكروها: 1- تسلم الشيك 2- القيد المصرفي في حساب العميل، بمعنى أن يقيد المصرف في دفاتره وبياناته لصالح العميل ما ملكه مِن العملة المصروفة .
جاء في قرار (المجمع الفقهي الإسلامي) التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته (الحادية عشرة): (بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه ، في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف.
ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض، لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى ، سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف ، أو بعملة مودعة فيه).
وجاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في دورته السادسة، قرار رقم 53 (6/4): (إن من صورة القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً: القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
أ- إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
ب- إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
ج- إذا اقتطع المصرف – بأمر العميل – مبلغاً من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح العميل أو لمستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمُدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلاّ بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي) انتهى.
لذا.. فإنه عند إرسال مبلغ مالي ليتسلمه شخص في مكان آخر بعملة أخرى فإنه لا يشترط أن يقبض المال المصروف قبضاً حقيقياً بيده، بل يكفي أن تكون أسعار الصرف معلومة لدى العميل والمصرف، وأن تدون في الإيصال، سواء كان ذلك عن طريق المعاملات في الفروع المصرفية، أو عبر الشبكات والبرامج الإلكترونية، ويقوم ذلك مقام القبض الحقيقي.
وجاء في قرارات (مجمع الفقه الإسلامي) التابع لمنظمة التعاون الإسلامي في دورته التاسعة، قرار رقم 84 (9/1): (بشأن الحلول الشرعية لاجتماع الصرف والحوالة: إذا كان المطلوب في الحوالة دفعها بعملة مغايرة للمبالغ المقدمة من طالبها، فإن العملية تتكون من صرف وحوالة، وتجري عملية الصرف قبل التحويل، وذلك بتسليم العميل المبالغ للبنك ، وتقييد البنك له في دفاتره بعد الاتفاق على سعر الصرف المثبت في المستند المسلم للعميل، ثم تجري الحوالة بالمعنى المشار).
الصورة الثالثة: إذا كان التحويلُ عن طريقِ جهةٍ لا تُقدِّم مستنداً رسمياً، أو مِن خلال بعض التجار والمعارف والأصدقاء، ومِن الطرق الشرعية في ذلك:
1- أن يبدأ الشخصُ بصرف العملة المرادِ تحويلُها، ثم يسلّمُها له، ويطلب منه تحويلَها مقابلَ أجرةٍ محدَّدة معلومة.
2- أن يوكِّل الشخصُ بالصرفِ والتحويلِ صديقاً له أو تاجراً، كما لو أعطى شخصٌ لصديقه ألف دولار يوصله لأهله في سورية، ووكّله بصرف الدولارات ليرات سورية؛ فقام الوسيط بذلك، فهذا جائز، والوكالة بذلك جائزة، وكذلك إذا وكّل تاجراً بالصرف والحوالة، ولكن هنا لا بد مِن الاتفاق على السعر الذي وكّله بالتحويل به، والأجرة التي يتقاضاها على عملية التحويل إن أراد، ويكون هذا مِن باب الوكالة بأجر، وهي جائزة أيضاً، والحمد لله رب العالمين.
وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء | ||
1- الشيخ أحمد حمادين الأحمد 2- الشيخ أحمد حوى 3- الشيخ أحمد زاهر سالم 4- الشيخ أسامة الرفاعي 5- الشيخ أيمن هاروش 6- الشيخ عبد الرحمن بكور 7- الشيخ عبد العزيز الخطيب 8- الشيخ عبد العليم عبد الله 9- الشيخ عبد المجيد البيانوني 10- الشيخ علي نايف شحود 11- الشيخ عماد الدين خيتي 12 الشيخ عمار العيسى | 13- الشيخ فايز الصلاح 14- الشيخ محمد الزحيلي 15- الشيخ محمد جميل مصطفى 16- الشيخ محمد زكريا المسعود 17- الشيخ محمد فايز عوض 18- الشيخ محمد معاذ الخن 19- الشيخ مروان القادري 20- الشيخ ممدوح جنيد 21- الشيخ موسى الإبراهيم 22- الشيخ موفق العمر 23- الشيخ ياسر الجابر |