بسم الله الرحمن الرحيم

رقم الفتوى: 54
تاريخ الفتوى: الثلاثاء 1 شعبان 1444هـ 21 شباط / فبراير 2022م

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فلما كانت النوازل المتعلقة بالزلزال متعددةً؛ رأينا إخراجها في فتوى مختصرة لعموم الحاجة إليها، وهذا بيان أحكامها:

أولاً: أحكام النفقة على المتضررين:
1- الأصل في الزكاة هو تمليك الفقير سواء أكانت الزكاة نقدية أم عينية، لذا ينبغي على العاملين في سلك الإغاثة أن يجعلوا نفقات الإيواء وأجرة العاملين من التبرعات والصدقات والمساعدات، لكن في حالات الضرورة كحال الكوارث التي يترتب على تأخير وصول المال أو عدم كفاية المساعدات هلاك النفوس وإصابة المنكوبين بالحرج الشديد يجوز إخراج الزكاة للنفقة على المتضررين من الزلزال لتجهيز أماكن الإيواء من خيم ومساكن، وتجهيزها بما يحتاج إليه المنكوبون من طعام وشراب وتدفئة، وكذا وسائل نقلهم إلى أماكن أكثر أماناً، كما يجوز الإنفاق من أموال الزكاة لأعمال الانتشال والبحث عن المفقودين، وتجهيز مرافق العلاج كالمستشفيات الميدانية والمستلزمات الطبية ونحوها، والنفقة على فرق الإغاثة والدعم متى ما احتاجت إليه، فإذا زالت الضرورة؛ يعود الحكم إلى الأصل الذي هو التمليك.
2- يجوز تعجيل إخراج الزكاة بعد اكتمال النصاب وقبل حلول وقتها لسنة، وأجاز بعض أهل العلم أن تُعجَّل لسنتين.
3- يجوز دفع الزكوات والصدقات للجمعيات والمؤسسات العاملة في الإغاثة لتنوب عن المتبرعين في إنفاقها في مختلف وجوه الحاجة؛ بل إن إخراجها كذلك، وهو أفضل لضمان وصولها للمحتاجين بطريقة صحيحة وسريعة ومنظمة، ووضع الإنفاق في مكانه المناسب.
4- الأصل أن تخرج الزكاة من الأموال النقدية، ويجوز إخراجها من العينيات عند الحاجة إليها وكونها أنفع للمحتاجين، مع التأكد من إمكانية نقلها وإمكان الاستفادة منها لدى المؤسسات المختصة الموثوقة.
5- من فقد ماله أو أملاكه؛ فيجوز له الاستفادة من أموال الزكاة في تغطية احتياجاته واحتياجات من يعولهم ولو كان غنياً؛ وهذا في حال عدم تمكنه من الوصول لمالِه، أو كان مالُه في بلد آخر، لدفع الحاجة النازلة به في الحال، ومتى استطاع الاستغناء عنها؛ فيجب عليه ذلك.
6- من تكفل برعاية المتضررين من الزلزال بإقامة أو طعام أو علاج أو نقل؛ فيجوز له أن يأخذ من زكاة غيره لينفق على هؤلاء المتضررين، وإن احتاج في نفسه شيئاً من ذلك فيجوز له الأخذ بالمعروف قدر الحاجة.
7- يجب على الجميع الاقتصاد في الإنفاق من أموال الزكاة في هذه المصارف، وعدم التوسع في الجوانب التي تغطيها مؤسسات كبرى أو دول، أو في النفقات التي يمكن تأجيلها، ترشيداً للنفقات وتوجيهها لاستثمارها الأمثل في الأشد ضررا وحاجة، واستدامة الإنفاق مع طول الأزمة وكثرة حاجاتها المتوقعة.

ثانياً: أحكام الطهارة:
1- من لم يجد الماء، أو خشي من استعماله مرضاً، أو زيادة مرض، أو تأخر شفاء، أو تعذر عليه استعماله على بعض أعضائه، أو وجده لكنه يحتاجه لشرب أو طهي طعام؛ فإنه يجوز له في هذه الحالة التيمم.
2- من كان عليه حدث أكبر من جنابة، أو وجب عليها طهارة من حيض أو نفاس، ولم يجد هؤلاء الماء، أو خافوا من استعماله مرضاً، أو زيادته، أو تأخر شفاء؛ فإنهم يتيمَّمون لكل صلاة فريضة إلى أن يجدوا الماء الذي يغتسلون به، أو يتمكنون من ذلك دون ضرر، فيغتسلون، ولا يعيدون الصلاة.
3- إن كان المأوى في المسجد بسبب التشرد وكان الرجل جنباً، أو كانت المرأة حائضاً أو نفساءَ؛ فيجوز لهم دخوله والمكث فيه، مع أخذ الحيطة بعدم تلويث المكان؛ لأن الحفاظ على النفس في هذه الظروف من شدة الخوف والبرد ضرورة تقدم على غيرها من المصالح.

ثالثاً: أحكام الصلاة:
1- الأصل أن تُصلّى كلُّ صلاة في وقتها بكامل أركانها وصفاتها للمتضررين بالزلزال والعاملين بالفرق الإغاثية.
2- من تعذر عليه أداء كل صلاة في وقتها من المتضررين بالزلزال أو العاملين في الإغاثة؛ فلهم الترخص بالجمع بين الصلوات جمع تقديم أو جمع تأخير، ويصلون الصلاة كاملة دون قصر.
3- ومن خرج من محل إقامته مسافراً إلى مكان آخر؛ فله الترخص برخص السفر من جمع وقصر الصلوات الرباعية ما دام في حال ارتحال وانتقال، حتى يستقر في مكان إقامته الجديد.
4- تُؤدى الصلاةُ على هيئتها من قيام وركوع وسجود، فمن عجز عن بعض صفاتها لمرض أو إصابة أو مكان ضاق عليه بسبب حصار الزلزال؛ فيصليها على الصفة التي يستطيعها.
5- إن أمكن إقامة صلاة الجماعة في مراكز الإيواء وتجمِّع الناس فهو الأصل الذي ينبغي الحفاظ عليه، ولو تعذر فتسقط الجماعة، كما يجوز لكل مجموعة أن تصلي جماعة عند تعذر الجماعة العامة.
6- صلاة الجمعة: إن أمكن أداء صلاة الجمعة في المساجد أو أماكن تجمع الناس؛ فالواجب إقامتها وعدم التخلف عنها، وإن تعذر ذلك بسبب عدم أمان أبنية المساجد، أو بسبب البرد، أو عدم وجود مكان للصلاة في أماكن الإيواء، أو الخشية من التجمع بسبب الهزات الارتدادية؛ فتسقط الجمعة، وتُصلى ظهراً، مع الحرص على أدائها لمن استطاع.
7- من فاتته صلوات أثناء الحادثة أو بعدها، ولم يصلها؛ فإنه يقضيها في أقرب وقت يتيسر له ذلك، ويؤديها كاملة غير مقصورة.
8- من توفي وكان عليه قضاء صلوات لم يصلها في حياته: فلا تُصلى عنه، ويرجى له المغفرة والرحمة.
9- من توفي وعليه قضاء صيام أيام لم يتمكن من قضائها أثناء حياته؛ فيستحب لأوليائه إن علموا بذلك قضاء الصيام عنه.
10- من أغمي عليه بسبب الزلزال وفاتته بعض الصلوات؛ ففي قضائها تفصيلٌ لأهل العلم، ونختار له في هذه الظروف أنه لا قضاء واجب عليه، ومن تطوع بالقضاء فله ذلك.
11- من أصابه ذهول أو غياب إدراك للواقع دون أن يفقد عقله بالكلية بسبب الأحداث وترك الصلاة؛ فعليه قضاؤها متى عاد إليه وعيه، ومن كان عاقلاً مدركاً لما حوله فيؤمر بالطهارة والصلاة وإن لم يكن واعياً، أما من فقد عقله بالكلية فلا قضاء عليه بعد عودة عقله إليه.
12- من أصيب بضرر نفسي يؤثر على إدراكه ووعيه فالقول قول الأطباء، فإن كان عاقلاً مدركاً لما حوله؛ فيؤمر بالطهارة والصلاة، وإن لم يكن واعياً مدركاً؛ فهو كفاقد العقل، لا طهارة واجبة عليه ولا صلاة حتى يُشفى.
13- من شُرع في حقه التيمم عوضاً عن الوضوء، أو له رخصة جمع الصلوات، أو رخصة التخلف عن الجماعة، فلم يأخذ بذلك وأخذ بالعزيمة، كأن توضأ، أو ترك الجمع، أو صلى مع الجماعة، فعمله صحيح إن شاء الله، لكن من سقطت عنه الجمعة فلا يصليها إلا ظهراً.

رابعاً: أحكام الموتى:                                                      
1- من توفي بالزلزال نتيجة الهدم أو الزلزال، فنرجو له أجر الشهادة عند الله تعالى، وهو شهيد الآخرة، لكن يُعامل في الدنيا كسائر أموات المسلمين، فيغسل ويكفن ويصلى عليه.
2- من أخرج بعضه أو بعض أشلائه فيُغسل ما وجد منه ويكفن ويصلى عليه، فإن تعذر تغسيل الميت أو تغسيل أشلائه فيُيمَّم ويكفَّن ويُصلى عليه.
3- إن تعذر خلع ثياب الميت لتغسيله؛ فيراق عليه الماء من فوق ثيابه، فإن لم يمكن تغسيله أو تيميمه؛ فيكُفن دون غسل أو تيمم.
4- من دُفِنَ دون تغسيل أو تكفين؛ فلا شيء عليه لكن يصلى عليه، أما من دُفِنَ دون صلاة عليه؛ فتشرع صلاة الغائب عليه ولو بعد حين.
5- الأصل أن يدفن كل ميت في قبر خاص به، فإن تعذر ذلك بسبب الأعداد الكبيرة، أو قلة الأراضي، أو ضيق الوقت، أو شدة البرد، ونحو ذلك؛ فيجوز دفن عدة موتى في قبر واحد، ويُفصَل بينهم بطوب، أو تراب قدر الاستطاعة.

خامساً: أحكام صلاة الغائب والقنوت:
1- الأصل أن تصلى صلاة الجنازة على الميت قبل دفنه، فإن تعذر لسبب ما؛ فيمكن أن يصلى عليهم بعد الدفن.
2- تشرع صلاة الغائب على أموات الزلزال عموماً؛ وإن صُلي على بعضهم قبل ذلك.
3- يشرع القنوت في هذه النازلة في الركعة الأخيرة من الصلاة، والتضرع إلى الله تعالى برفع البلاء وتقبل الشهداء وجبر المصابين.

سادساً: أحكام كفالة الأيتام:
1- من أعظم أبواب الخير والبر كفالة الأيتام، وذلك بحضانتهم ورعايتهم، والقيام بحقوقهم من توفير الغذاء، واللباس، والتعليم، والعلاج، ونحو ذلك…
2- لا يجوز لكافل اليتيم تغيير نسبه أو نسبته إلى نفسه، فهذا من التبني المحرم.
3- إذا لم يُعرف نسبه فيوضع له نسب عامٌ يميِّزه عن غيره، بناء على الأحكام المعمول بها في المحاكم الشرعية.
4- يُعَدُّ اليتيم أجنبياً عن العائلة التي تكفله، فلا يثبت بينهم أحكام التحريم بالقرابة من خلوة وعدم حجاب ونحوه، ولا يثبت به توارث.
5- يجوز لزوجة الكافل أن ترضع اليتيم الرضيع وبذلك يصبح ابناً لها بالرضاع، بحيث تراعى شروط الرضاع المحرم كإرضاع الرضيع في الحولين وإرضاعه خمس رضعات مشبعات، وبالرضاع تثبت له أحكام التحريم بالقرابة دون الوراثة.
6- تجوز النفقة على رعاية الأيتام وكفالتهم من أموال الزكاة، وإن كان لهم أو وجد معهم أموال فينفق عليهم منها بالمعروف.
7- ينبغي أن تكون كفالة الأيتام عند الجهات الموثوقة من أفراد ومؤسسات، والحذر من إخراجهم من بلدانهم لجهات غير موثوقة أو غير مرضية في دينها وخلقها، أو دون علم الجهات المسؤولة عنهم، وينبغي الحرص على كفالتهم وهم بين أقاربهم وعوائلهم قدر الاستطاعة.

سابعاً: أحكام رعاية الأرامل:
1- من فقدت زوجها في الزلزال فلا يحكم بوفاته إلا بدليل واضح بيِّن، من خبر موثوق أو شهادة رسمية.
2- فإن طال فقده بعد ذلك ولم يتبين حاله فيجوز لزوجته أن تتقدم للمحكمة بطلب إعلان وفاته أو التطليق منه، ويراعى في ذلك ما عرف عند الفقهاء بأحكام المفقود.
3- من توفي زوجها في الزلزال أو بعده في هذه الأحداث فيجب عليها العدة بحسب حالها، فالحامل تنتهي عدتها بوضع مولودها ولادة طبيعية أو سقوطه مجهضاً، وغير الحامل عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ويكون بدء العدة من تاريخ الوفاة إن علمت أو الحكم بذلك في حالة المفقود.
4- تقضي المعتدة عدتها في المأوى الذي وصلت إليه، ويعد هو مكان عدتها الشرعي، فإن احتاجت إلى الانتقال منه أو السفر لمدينة أخرى، لترتيب أمور الإقامة والسكن، أو لتكون مع أقاربها أو معارفها فلا بأس بذلك، وتراعى أحكام العدة المعروفة.
5- ينبغي رعاية الأرامل وكفالتهن بما يفي حاجاتهن والقيام بحقوقهن، وفي ذلك أجر كبير عند الله تعالى، ونرغب بتعدد الزواج لمن يقدر على ذلك.
6- يجوز الزواج من الأرملة بعد انقضاء عدتها، إن رغبت في ذلك باختيار ورضىً منها.
7- لا يجوز إجبار الأرملة على الزواج أو مساومتها به مقابل الرعاية والإغاثة، وفي ذلك إثم عظيم.

ثامنا: مسائل الميراث:
إذا مات اثنان فأكثر بينهم توارث وعُلِمَ من مات منهم قبل الآخر يقيناً؛ فالمتأخر يرث المتقدم، وإن لم يعلم المتقدم من المتأخر؛ فإنهم يعدون كالأجانب فلا توارث بينهم؛ لأن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، فيرث كلاً منهم أقاربُهم الأحياء، وينبغي الرجوع في هذه المسائل لأهل العلم للوقوف على تفاصيل المسألة، وكذلك مراعاة الجوانب القانونية لانتقال الملكية.

ختاماً: هذه فتوى تتعلق ببعض أحكام النوازل التي سئل عنها السادة العلماء وبعضها يتوقع السؤال عنه، نسأل الله أن يرحم الشهداء ويشفى الجرحـى والمصابين، ويؤوي المشردين، ويعوض على المتضررين، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.

وقد وقع على الفتوى من أعضاء المجلس السادة العلماء
1- الشيخ أحمد حوى
2- الشيخ أحمد زاهر سالم
3- الشيخ أيمن هاروش
4- الشيخ تاج الدين تاجـي
5- الشيخ عبد العليم عبد الله
6- الشيخ عبد العزيز الخطيب
7- الشيخ عبد المجيد البيانوني
8- الشيخ عماد الدين خيتـي
9- الشيخ فايز الصلاح
10 الشيخ علي نايف شحود
11-  الشيخ عمار العيسى
12- الشيخ مجد مكي
13- الشيخ محمد جميل مصطفى
14- الشيخ محمد الزحيلي
15- الشيخ محمد زكريا المسعود
16- الشيخ محمد فايز عوض
17- الشيخ محمد معاذ الخن
18- الشيخ مروان القادري
19- الشيخ معاذ ريحان
20- الشيخ موسى الإبراهيم

بيان إثبات دخول عيد الفطر لعام 1445 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على نبِّينا مُحمَّدٍ وعلى آلِهِ الأطهارِ وصحبِه الأخيارِ ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وبعدُ: فقدْ قال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “صُومُوا لرؤيتِه وأَفطِروا لرؤيتِه، فإنْ غُمَّ عليكُم فأكمِلوا العدَّةَ ثلاثينَ” وفي رواية ابن حبّان “فصوموا ثلاثين”، وبتوفيقٍ من اللهِ تعالى

بيان بشأن دخول شهر رمضان لهذا العام 1445 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ القائلِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}[البقرة:183] والصلاةُ والسلامُ على نبِّينا مُحمَّدٍ القائلِ “صُومُوا لرؤيتِه وأَفطِروا لرؤيتِه، فإنْ غُبِّيَ عليكُم فأكمِلوا عدَّةَ شعبانَ ثلاثينَ” وعلى آلِهِ الأطهارِ وصحبِه الأخيارِ ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وبعدُ:

فتوى صدقة الفطر وفدية الصيام لعام 1445هـ

بسم الله الرحمن الرحيم رقم الفتوى: 58 تاريخ الفتوى: السبت 28 شعبان 1445هـ الموافق 09 آذار مارس 2024م الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمـدرسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: أولاً: صدقة الفطر: – الأصل في وجوبها: ما ثبت في «الصحيحين»  عن عبد الله بن عمر رضي